ملفات وتقارير

نظام السيسي يحظر إقامة احتفالات بيوم النوبة العالمي

امتدت بلاد النوبة عبر التاريخ منذ نحو ألف سنة قبل الميلاد- عربي21
امتدت بلاد النوبة عبر التاريخ منذ نحو ألف سنة قبل الميلاد- عربي21

تمر الذكرى السنوية ليوم النوبة العالمي، وسط تجاهل حكومي مصري وإعلامي، يعكس استمرار تعنت موقف السلطات المصرية من النوبيين، الذين أسسوا ممالك قديمة، ضمت أجزاء واسعة من مصر والسودان لقرون طويلة.


ويحتفل النوبيون في السابع من تموز/ يوليو من كل عام بمصر ومختلف أنحاء العالم باليوم العالمي للنوبة، للاحتفاء بتاريخ وتراث أهل النوبة، الذين ارتبطت حياتهم بوادي النيل، وأجبروا منذ بداية القرن الماضي على ترك ضفاف النيل رويدا رويدا.


وفشلت كل محاولات النوبيين منذ عقود في العودة إلى أوطانهم الأصلية رغم الوعود المتكررة من الحكومات المتعاقبة بتمكينهم من العودة إلى أراضيهم، التي هجروا منها تحت مزاعم عديدة، بعدما هجروا من عشرات القرى.


وامتدت بلاد النوبة عبر التاريخ منذ نحو ألف سنة قبل الميلاد من جنوب مصر، وانقسمت إلى ممالك كوش ومروي ونباتا، وضمت دول إثيوبيا وتنزانيا والسودان والكونغو بحوض النيل، وتسمى بلادهم أرض الذهب "نوب".


وتضرر أهل النوبة من بناء وتعلية خزان أسوان بداية من عام 1902، وإنشاء السد العالي من عام 1960 وحتى 1964، وتعرضوا لعمليات تهجير واسعة بعد أن غمرت المياه أراضيهم، ومنذ ذلك الوقت لم تقم الحكومات المتعاقبة بحل مشكلاتهم بشكل جذري.


مخالفة الدستور المصري


وخالفت الحكومة المصرية مطلع العام الجاري الدستور المصري بصرف تعويضات مالية وعينية استندت إلى قرار حكومي وليس إلى نص الدستور، وسط احتفاء رسمي وإعلامي، وصفه نشطاء نوبيون وقتها بأنه محاولة "لوأد قضيتهم".


وقال رئيس الجمعية المصرية للمحامين النوبيين، منير بشير، في تصريحات سابقة لـ"عربي21": "إن ما جرى من تعويضات لا يمكن اعتباره نهاية المطاف، في أزمة تعويض النوبيين عن الضرر الذي لحق بهم منذ عقود طويلة".

 

اقرأ أيضا: السيسي يتقي غضب أهل النوبة بطنطاوي.. فيخفق بفض اعتصامهم


وينص الدستور المصري في مادته رقم 236 في الفقرة الأخيرة على أن "تعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية، وتنميتها خلال عشر سنوات وذلك على النحو الذي ينظمه القانون".


السيسي وطمس الهوية النوبية


ويصف رئيس اتحاد النوبيين بالنمسا، حمدي سليمان محمود، المناسبة بأنها "يوم كان يحتفل به النوبيون فى مصر والسودان وكل الجاليات النوبية بالخارج، حيث يوافق يوم 7/ 7 من كل عام اليوم النوبي العالمي، بإقامة مهرجانات غنائية، وثقافية، وتراثية، وأدبية".


لكنه اتهم نظام السيسي بتجاهل النوبيين، قائلا لـ"عربي21": للسنة الثالثة على التوالي  تحظر السلطات بمصر إقامة هذه الاحتفالات، مهددة الشباب الذي يريد إقامتها بالاعتقال رغم أن الاحتفالات ثقافية بحتة"، مشيرا إلى أن "النظام حرم سيدات النوبة من دخول متحف النوبة لعرض منتجاتهن التي تعبر عن الشخصية النوبية، وقد افترشن الأرض خارج أسوار المتحف".

 

 


وأكد أن "السيسي أخذ على عاتقه أن ينهي ما بدأه عبد الناصر من تهجير وتشريد النوبيين من خلال سياسات قمعية؛ لأن الاحتفال يحيي في النوبيين الأمل في العودة إلى قراهم، ولذلك لا يريدهم أن يرددوا اسم النوبة إعلاميا ورسميا".


وبشأن ما تردده الحكومة المصرية من غلق ملف تعويضات النوبة، فقد وصفه سليمان بالكذب، قائلا: "منذ متى كنا نطالب بتعويضات مادية، إذا كان هناك تعويض فهو تعويض عن الأضرار النفسية التي لحقت بنا، ولكن لا نقبل التعويض إزاء شيء موجود بالفعل، ولكنها للأسف أراض ذهبت للقوات المسلحة ورجال الأعمال والمستثمرين السعوديين والإماراتيين وليس للنوبيين".


السيسي ومشروع تفتيت النوبة


الناشط النوبي، عبد الحي علي، في كندا، قال إن "السيسي كان يحرص فى بداية حكمه على تحسين صورته الخارجية أمام المجتمع الدولي، لكن آخر احتفالية بيوم النوبة العالمي كان في دار الأوبرا المصرية عام 2017 برعاية رجل الأعمال المقرب من السيسي محمد الأمين، دون التطرق لجوهر المشكلة".


وأضاف لـ"عربي21": "بعد ذلك تغيرت طريقة التعامل، وتم منع الاحتفال بهذا اليوم بعد تنظيم قافلة العودة النوبية و سيرة الدفوف ومطالبة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية نظام السيسي بسماع مشاكل النوبيين وحل قضيتهم، ولكنه استمر في التفريط في أراضي النوبيين لصالح رجال أعمال تابعين للنظام وهي امتداد لطريقة مبارك حين قام بإنشاء مشروع توشكى وباعه للوليد بن طلال وآخرين، وأعطى امتياز حقوق الصيد في بحيرة ناصر لشركة كويتية".

 

اقرأ أيضا: حقيقة ما جرى بالجزر النيلية للنوبيين من قبل حرس ساويرس


وأكد أن "الدولة المصرية تتعامل مع القضية النوبية بطريقة المسكنات، كلما ارتفع صوت النوبيين في الداخل والخارج للمطالبة بحقوقهم يتم تسكينهم ببعض التعويضات الزهيدة، التي لا ترتقي إلى حقوقهم التاريخية، والقضية النوبية لن تغلق الإ بالعودة إلى ضفاف بحيرة النوبة (ناصر)"، لافتا إلى أن "المطلوب هو تفعيل المادة 236 من الدستور التي تنص على إعادة النوبيين إلى مناطقهم الأصلية".


القضية ليست مهرجانات


بدوره، استنكر رئيس النادي النوبي المصري في نيويورك، طارق محمد قوي، اقتصار القضية النوبية على الاحتفالات، قائلا: "القضية النوبية لا تتبناها أي حكومة أو جهة، وهي تراوح مكانها منذ عقود، وليس للنوبيين سوى الشعب المصري ليقف إلى جواره في مطالبه بعودته إلى أرضه".


وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن "كل الوعود التي وعدتها الحكومات السابقة ذهبت هباء، بما فيها نصوص الدستور، ولم تهتم الدولة بالتراث النوبي لا حاليا ولا سابقا، واقتصارها على بعض الفعاليات هو كان لذر الرماد في العيون وليس أكثر".

 
0
التعليقات (0)