اقتصاد عربي

"سبوبة رمضان" تحارب ركود كورونا وتنعش العمل بمصر (صور)

يتحول نهار شهر رمضان إلى سوق كبير للعمل أو ما يسميه البعض "سبوبة رمضان"- عربي21
يتحول نهار شهر رمضان إلى سوق كبير للعمل أو ما يسميه البعض "سبوبة رمضان"- عربي21

بعد أن ألقت أزمة فيروس كورونا بظلالها الثقيلة على ملايين العمال وأصحاب المهن والحرف في مصر؛ بسبب الإجرءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة المصرية أسوة بباقي دول العالم، فقد فتح شهر رمضان الباب أمام الكثيرين للعمل.

ويتحول نهار شهر رمضان إلى سوق كبير للعمل أو ما يسميه البعض "سبوبة رمضان" (نظرا لكون هذا العمل موسميا وغير دائم) مثل صناعة وبيع الأطعمة والمشروبات الخاصة بالشهر الكريم من قبيل صناعة المقبلات، والمشروبات الرمضانية الخاصة، وحلوى رمضان المتنوعة، ولا ينتهي الشهر إلا وتنشط أنواع أخرى من صناعات الكعك والبسكويت والبيتي فور وغيرها.

وتشتهر مصر بالعمل الموسمي منذ زمن بعيد، الذي يكون مرتبطا إما بحدث زراعي أو ديني أو تجاري، أو بحري، كمواسم جني القمح والزيتون والقطن فيما مضى، حيث كان أهم مواسم الفلاحين وفيه كان يزيد الطلب على العمالة، وتنشط حركة التجارة وتصنيع الغزل.

عمل موسم رمضان

ويقول خبراء اقتصاد لـ"عربي21" إنه لذلك كان العامل المصري يمتهن أكثر من مهنة؛ بسبب تعدد المواسم، التي تحتاج إلى أيد عاملة، للعمل أو التجارة أو التصنيع اليدوي، ومن هنا كانت الجملة الشهيرة "سبع صنايع"، أي سبع حرف، يتعيش منها البعض.

في وسط إحدى مدن محافظات الوجه البحري، شمال القاهرة، تعج المدينة بالبائعين والمشترين لمستلزمات رمضان الخاصة، مثل مشروبات العرق سوس، والتمر هندي، والسوبيا، والخروب، وأكياس البوظة المصرية (دقيق وماء وخميرة وماء ورد)، والمخللات بأنواعها (المقبلات)، حتى اللحظات الأخيرة قبل الإفطار.

يقول بائعون وتجار لـ"عربي21" إن موسم رمضان يفتح بيوت الكثير من المصريين، ويخفف العبء عن بعض المتضررين من أزمة كورونا التي أجلست البعض في بيوتهم، وفرصة لتعويض نقص الدخل اليومي، خاصة أن إقبال الناس على الطعام والشراب لا ينقطع.

 

اقرأ أيضا: وباء كورونا يصيب أسواق "ياميش رمضان" في مصر (شاهد)

المهن الموسمية

في معرض تعليقه على موسم العمل الرمضاني، الذي جاء ليخفف حدة أزمة البطالة التي سببها فيروس كورونا، يقول الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبدالمطلب، إن "مصر معروفة منذ زمن بأنها مصر "المواسم"، فمثلا موسم جني القطن كان مرتبطا بالزيجات والأفراح في الريف المصري، وفي بلاد أخرى يكون موسم المشمش والقمح وغيرهما".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "في المدينة يوجد العديد من المواسم، مثل موسم المولد النبوي، الذي تنشط فيه صناعة وتزيين حلوى المولد بمختلف أنواعها، وتعمل المصانع والعمالة المحترفة في صناعتها لشهور طويلة للإعداد لهذا الموسم. مثل هذه المنتجات هي مصدر دخل رئيس للكثير من الأسر المصرية".

وأضاف: "بالمثل موسم رمضان، تنشط حركة البيع والشراء، وهناك صناعات صغيرة مشتركة بين المدينة والقرية كصناعة الكنافة والقطايف، والمخللات، كذلك زينة رمضان والفوانيس التي تعد موسما رائجا لها، وتصنع في الورش الصغيرة، وكذلك كسوة الشتاء والصيف، وما يرتبط بها من مصانع".

وأشار عبدالمطلب إلى أن "الأطعمة والمشروبات المتعددة تنتشر في القرى والمدن بشكل كبير، ويعمل بها عدد غير قليل، وتفتح الكثير من البيوت، فحتى فول السحور له مذاق وطعم خاص في رمضان دون السنة، على الرغم من أنه وجبة فطور رئيسية للمصريين".

 

اقرأ أيضا: كورونا يضرب موسم "عمرة رمضان".. ودعوات للتبرع بنفقاتها

العمل من أجل لقمة العيش

مراسل عربي21، رصد انتشارا واسعا لبيع الأطعمة والمشروبات المرتبطة بشهر رمضان الكريم، وسط إقبال كبير من المواطنين عليها؛ لأنها لا توجد إلا في هذا الشهر، ويعد وجودها ضروريا على موائد الإفطار والسحور، وتقليد لدى كل الأسر المصرية.

إحدى بائعات المشروبات الرمضانية، وتدعى أم محمد، تقول ضاحكة: "لدينا كل المشروبات الرمضانية التي تعجبك وتنال رضاك، نبيع بما يرضي الله في هذا الشهر الكريم من أجل اللقمة الحلال، وربك يجبر خواطر الناس الغلابة اللي زينا".

وعن سبب جلوسها في السوق وبيعها المشروبات، أوضحت لـ"عربي21" أن "زوجها كان يعمل في مجال البناء ولكن بعد توقف الحركة، لم يعد هناك عمل له خاصة أنه في شهر رمضان لا يعمل بالنهار بسبب الحر والصيام والجهد والمشقة، فأقوم بمساعدته".

وليس ببعيد، يقف عم أحمد لبيع المخللات، في أكياس صغيرة جاهزة بحسب رغبة المشتري وقدرته المالية، بسؤاله عن مهنته الحقيقية قال لـ"عربي21": "أعمل في المواسم فقط، كل موسم له عمله الخاص، ولكني أجيد صناعة المخللات مثل أبي".

وأشار إلى أن "البيع في موسم رمضان جيد، ويساعد الكثير من الناس على الرزق، ولكني بعد رمضان أتجه لعمل آخر موسمي أيضا، والأرزاق كلها على الله، لا أحد يمنعك عن العمل من يريد أن يكسب عليه أن يعمل ولا يخجل من عمله؛ لأنه رزق من الله".

وفي محاولة للتخفيف عن العمالة المتضررة؛ فتحت وزارة القوى العاملة في مصر باب التسجيل للحصول على منحة 500 جنيه (30 دولارا)، لمدة ثلاثة شهور، وتقدم أكثر من مليوني عامل على تلك المنحة، من بين نحو 12 مليون عامل، وافقت الوزارة على مليون ونصف مليون طلب، وسط شكاوى الكثيرين من رفض الوزارة لهم أو عدم قدرتهم أو معرفتهم لكيفية التقدم للمنحة على موقع الوزارة.

 

 

بيع مشروبات رمضان والمخللات بالشوارع والطرقات جزء من طقوس المصريين في رمضان 

 

 

بيع البوظة المصرية ينشط في رمضان ويكون باب خير لآلاف البيوت

 

 

الزحام على عربات العرق سوس والتمر هندي مشهد متكرر في شوارع مصر

 


"السوبيا" البيضاء تزين طاولة المشروبات الرمضانية بألوانها المتعددة 

التعليقات (0)