قضايا وآراء

هل خرج حزب الدعوة من المعادلة العراقية؟

جاسم الشمري
1300x600
1300x600

بعد أن حُسمت نتائج الانتخابات البرلمانية بين القوى الفاعلة في الساحة العراقية: التيار الصدري (سائرون)، منظمة بدر (الفتح)، حزب الدعوة (النصر، وكذلك دولة القانون) ستبدأ الآن مرحلة أخرى، وهي كيف ستوزع المناصب السيادية في الدولة، ومن أهمها منصب رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة، ورئاسة البرلمان؟


وقبل الانتخابات بعدة أسابيع كان الجدل قائماً حول منْ سيكون رئيساً لوزراء العراق في المرحلة المقبلة، هل هو حيدر العبادي رئيس الوزراء المنتهية ولايته، أم نوري المالكي زعيم حزب الدعوة ونائب رئيس الجمهورية، أم هادي العامري زعيم منظمة بدر، أم غيرهم؟

 

وكان الكلام منحصراً بين شخصيتين بارزتين وهما نوري المالكي نائب زعيم حزب الدعوة الحاكم، وبين حيدر العبادي مسؤول المكتب السياسي في ذات الحزب.

 

في الواقع لا يوجد منْ يقتنع بفرص واضحة لعودة المالكي لرئاسة الحكومة، بينما هنالك من يتوقع أن العبادي سيعود لولاية ثانية، والقراءة غير المتأنية للساحة العراقية – قبل الانتخابات –  تفرز تنافساً بين نوري المالكي وحيدر العبادي وهادي العامري على رئاسة الحكومة العراقية المقبلة، والحقيقة أن هذا الخلاف شكلي ولا قيمة له في اللحظات الحاسمة لأن هؤلاء جميعاً من مركب واحد؛ وعليه يمكن أن تأتيهم أوامر داخلية، أو خارجية تجعلهم ينسحبون لترشح أحدهم!

 

وفي السادس والعشرين من الشهر الماضي أكّدت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، بأن "المنافسة على منصب رئاسة الوزراء والتي ستقررها نتائج الانتخابات العراقية المقبلة، ستكون بين قائمة رئيس الوزراء حيدر العبادي وقائمة نوري المالكي، وبأن العبادي سيحصل على اكبر عدد من الأصوات مقارنة بأعضاء حزب الدعوة الآخرين، إلا أن المالكي أيضاً يستطيع الفوز بمنصب رئاسة الوزراء باعتماده على قائمة الفتح وعقد اتفاقات وتحالفات مع قوائم أخرى".

 

اليوم - وبعد أن ظهرت النتائج شبه النهائية للانتخابات، وتأكد للجميع استحواذ التيار الصدري على الحصة الأكبر من الأصوات- هل يعني هذا أن حزب الدعوة فقد حلمه في العودة إلى رئاسة الوزراء من جديد؟


تشكيل الحكومة المقبلة سيعتمد على إنشاء تحالفات مع الأحزاب الأخرى المشاركة في الانتخابات، وعليه فإن هذا التساؤل لا يمكن البت به إلا بعد انتظار تلك التحالفات المرتقبة، ومنها تحالف قوائم المالكي والعبادي والعامري وربما الكرد فيكتلة واحدة، وبالتالي سيشكلون الكتلة الأكبر داخل قبة البرلمان؛ وحينها سيشكلون الحكومة، ولن تتمكن كتلة الصدر – وقتها- من تشكيل الحكومة، لكن السؤال الأكبر والأصعب هو: هل سيوافق زعيم التيار الصدري (مقتدى الصدر) على سحب البساط من تحت قدميه كما فعل حزب الدعوة مع إياد علاوي في انتخابات العام 2010؟

 

أرى أن الصدر لن يكون لقمة سهلة، ولهذا ربما – إن لم يتم إرضاء الصدر- سيكون قرار تشكيل الكتلة الأكبر بعد الانتخابات بعيداً عن التيار الصدري الشرارة التي ستشعل العراق، وستوصل البلاد إلى مستنقع الحرب الأهلية، وإدخالها في متاهات الاقتتال العشائري والمناطقي؛ وبالتالي إغراق الوطن في مستنقع جديد لا ندري متى يمكن الخلاص منه!

 

وفي يوم الخميس (17/ مايو الحالي) عدّ حسين العادلي المتحدث باسم تحالف "النصر" بزعامة رئيس مجلس الوزراء الحالي حيدر العبادي، "أن تحالف سائرون بزعامة الصدر هو الأقرب حتى الآن إلى رؤيتنا في تشكيل الحكومة، لكن هذا يبقى خاضعاً إلى المشاورات وما سيتم التوصل إليه"، مدافعاً عن حظوظ العبادي بـ "الحصول على ولاية ثانية".

 

أعتقد أن الصدر سيقبل بتولي العبادي رئاسة الوزراء في حالة تقديم نوري المالكي ومن معه إلى محكمة عراقية لأنه يتهمهم بأنهم الذين سلموا الموصل وغيرها إلى تنظيم "داعش"، وهذا الشرط لا يمكن أن يقبل به العبادي؛ وعليه ستبقى الاحتمالات مفتوحة على أكثر من محور أقلها رضوخ حزب الدعوة لواقع جديد، ومغادرته لرئاسة الوزراء، وأعلاها ذهاب البلاد لمواجهات قتالية بين أتباع التيار الصدري من جهة، وأتباع حزب الدعوة ومن بينهم منظمة بدر بزعامة هادي العامري من جهة أخرى!

 

فهل سيكون تشكيل الحكومة القادمة، القشة التي ستقصم ظهر البعير، أم أن الأيام والتحالفات سيكون لها رأي آخر؟

 

ننتظر، ونقرر!

التعليقات (1)
عبدالكريم الجبوري
السبت، 26-05-2018 12:12 ص
السلام عليكم تحليل منطقي واقعي.. ولكن هل في العراق أسس منطقية وعقلانية؟؟؟!! شكراً