ملفات وتقارير

غضب فلسطيني بعد حرمان السلطة غزة من موارد حقل الغاز

كميات الغاز الطبيعي في حقل غزة تكفي لاحتياجات الفلسطينيين خلال الأعوام الـ15 القادمة- جيتي
كميات الغاز الطبيعي في حقل غزة تكفي لاحتياجات الفلسطينيين خلال الأعوام الـ15 القادمة- جيتي

يستعد صندوق الاستثمار الفلسطيني لطرح عطاءات لشركات النفط العالمية لتطوير حقل الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة المعروف بحقل (ماريان)، لاستخراج الغاز من هذا الحقل بداية العام 2021، وفقا لتصريحات رئيس الصندوق الاستثمار محمد مصطفى لإذاعة "صوت فلسطين" الاثنين.


حقل (ماريان) الذي يقع في المياه الإقليمية لمدينة غزة بمسافة تقل عن 30 كيلومترا، تم اكتشافه قبل 18 عاما من قبل شركة (بريتش غاز) البريطانية، التي منحها الرئيس ياسر عرفات عقدا حصريا للتنقيب عن النفط في بحر غزة في العام 1999.


وقدرت شركة (بريتش غاز) البريطانية كميات الغاز الطبيعي في حقل (ماريان) بنحو تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ولكن لم يتم استغلال أي من هذه الكميات بسبب الظروف السياسية واندلاع انتفاضة الأقصى أواخر أيلول/ سبتمبر من العام 2000.


وكشف رئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى، عن حصول تقدم في ملف استخراج الغاز من حقل ماريان بعد تدخل أطراف دولية لدى الجانب الإسرائيلي لإعطاء السلطة الفلسطينية الحق في بدء التنقيب عن الغاز في حقل ماريان كونه يقع في المناطق القانونية لأراضي دولة فلسطين.


وأضاف أن "مشروع تطوير حقل الغاز يكلف نحو مليار دولار، لذلك لجأت الحكومة مع صندوق الاستثمار إلى التنسيق مع شركات أجنبية للعمل على تنفيذه والتي بدورها ستدفع ضرائب للحكومة بنسبة 37.5 بالمئة من دخل المشروع، بالإضافة إلى حصة صندوق الاستثمار كشريك".

 

اقرأ أيضا: غاز غزة.. كنز حبيس محرم على الفلسطينيين استخراجه (ملف)


ووفقا لترتيبات العقد الجديد لتطوير حقل الغاز سترتفع حصة صندوق الاستثمار الفلسطيني وشركة (ccc)  ـ 27.5 بالمئة لكل منهما، وتخصيص 45 بالمئة لشركات نفط عالمية، يتم المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء الفلسطيني.


الاتفاق الذي يسعى لإبرامه صندوق الاستثمار الفلسطيني، قوبل برفض واسع من حركة حماس بعد تصريحات رئيس صندوق الاستثمار أن حكومة الوفاق ستنشئ محطة لتوليد الكهرباء في محافظة جنين شمال الضفة الغربية بقدرة 450 ميغاواط، لتوفير نصف احتياجات الضفة من الكهرباء وسيكون تشغيلها من الغاز الطبيعي المستخرج من غزة، دون التطرق إلى استفادة غزة من هذا الحقل.


اتفاق العار


بدوره، قال رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس التشريعي عاطف عدوان، إن "حقل ماريان هو جزء من الثروات الطبيعية لقطاع غزة، ولا يحق لصندوق الاستثمار أن يجري أي مفاوضات حول الموارد الطبيعية في فلسطين، دون الرجوع للجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي التي من المفترض أن تقوم بدراسة المشروع ومعرفة الجدوى الاقتصادية لهذا الاتفاق".


ووصف عدوان هذا الاتفاق (باتفاق العار)، متسائلا: "كيف تحرم السلطة الفلسطينية وصندوق الاستثمار قطاع غزة من هذا المورد الطبيعي، وهو يقع في حدودها الإقليمية، خصوصا وأن غزة تعاني من انقطاع الكهرباء، بسبب توقف محطة الكهرباء التي من المفترض أن يتم تشغيلها على الغاز الطبيعي بدلا من السولار الذي يرفع من تكلفة تشغيلها خمسة أضعاف؟".


وتابع عدوان في حديث لـ"عربي21" أن "السلطة الفلسطينية تمارس دورا استعماريا على غزة، حيث تقوم بسرقة مواردها وضرائبها، ولا تصرف عليها سوى الحد الأدنى من الموازنة، وفي حال حصولها على موارد حقل ماريان، ستدخل خزائنها أكثر 20 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة، دون أن يكون هنالك نصيب لسكان غزة".


العوائد الاقتصادية


فيما أكد القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية ظافر ملحم، أن "الاتفاق الذي يجري الإعداد له بشأن حقل (ماريان) سيشكل قفزة نوعية على مستوى مشاريع الطاقة في فلسطين، حيث ستنخفض نسبة الاعتماد على مصادر الطاقة الإسرائيلية بأكثر من 70 بالمئة خلال العام الأول من بدء استخراج الغاز الطبيعي، كما سيتم توفير أكثر من 1.4 مليار دولار سنويا بسبب شراء الوقود من إسرائيل".


وأوضح ملحم في حديث لـ"عربي21" أن "الاتفاق لا يتضمن حرمان غزة من هذا المورد الطبيعي ولكن استمرار الانقسام يحول دون تطبيق مشاريع الطاقة التي تخطط لها حكومة الوفاق، في ظل إصرار حركة حماس على مزاحمة الحكومة في مشاريعها وإيراداتها دون تمكينها وفق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة ضمن ترتيبات المصالحة الفلسطينية".


وتشير تقديرات صندوق الاستثمار إلى أن كميات الغاز الطبيعي في حقل ماريان تكفي لسد كافة احتياجات الفلسطينيين اليومية والاستثمارية للسنوات الـ 15 القادمة، بما فيها تصدير كميات كبيرة للدول المجاورة كالأردن، التي توصلت لاتفاق مبدئي مع شركة "بريتش غاز" في نهاية أيار/ مايو 2015 لاستيراد الغاز الطبيعي من حقل ماريان لتشغيل محطات توليد الكهرباء لديها.


اقرأ أيضا: المصادقة على خروج شركة بريطانية من ائتلاف حقل غاز غزة


وفي الإطار ذاته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة سمير أبو مدللة، إنه "لا يجوز للسلطة الفلسطينية حرمان قطاع غزة من موارد حقل ماريان للغاز الطبيعي تحت ذريعة تمكين الحكومة، لأن غزة عانت من ظروف اقتصادية صعبة خصوصا في ملف الكهرباء، وكان حريا بالسلطة أن تتقاسم موارد الحقل مناصفة بينها وبين قطاع غزة بما يحقق العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل".


وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن "استخراج الغاز من حقل ماريان سيمنح الاقتصاد الفلسطيني قفزة نوعية، ويجب استثمار هذا الكنز الاقتصادي لزيادة الإيرادات وسد العجز في الموازنة، وفتح الأبواب أمام الشباب لإيجاد فرصة عمل لهم، في ظل معدلات البطالة المرتفعة التي تعاني منها فلسطين".

التعليقات (0)