سياسة عربية

آثار مصر تباع بالخارج ومؤسسات الحكومة تتبادل الاتهامات

نشطاء اكتشفوا عرض غرفة نوم خاصة بالملك فاروق للبيع على أحد المواقع الإلكترونية - أرشيفية
نشطاء اكتشفوا عرض غرفة نوم خاصة بالملك فاروق للبيع على أحد المواقع الإلكترونية - أرشيفية

تزايدت في الشهور الأخيرة ظاهرة سرقة الآثار المصرية من مخازنها الحكومية حيث تكررت حوادث اختفاء مقتنيات نادرة وسط تقاعس حكومي عن حمايتها والاكتفاء فقط بتبادل الاتهامات بالتقصير بين مؤسسات الدولة.

وكانت أحدث هذه الوقائع سرقة مقتنيات نادرة للملك فاروق، آخر ملوك مصر، وعرضها للبيع في مزاد علني بالولايات المتحدة قبل أيام، بالإضافة إلى تعرض أحد المتاحف بالجيزة للسرقة وسرقة مقبرة أثرية بمنطقة الأهرامات.

اختفاء غرفة نوم الملك

وكان نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قد اكتشفوا عرض غرفة نوم خاصة بالملك فاروق للبيع على أحد المواقع الإلكترونية المتخصصة في المزادات مقابل مليون دولار أمريكي تقريبا، الأمر الذي أثار تساؤلات حول كيفية خروجها من البلاد.

وكان وزير الزراعة الأسبق محمد فريد أبو حديد قد اكتشف أثناء قيامه بجولة تفقدية لحديقة الحيوان بالجيزة عام 2013 اختفاء هذه الغرفة من استراحة خاصة بالملك فاروق الموجودة داخل الحديقة، واستبدالها بغرفة رخيصة الثمن، فأمر بفتح تحقيق في الواقعة، لكن السنوات مرت دون التوصل إلى المتورطين في الحادث حتى الآن.

ودخلت الواقعة في طي النسيان حتى فوجئ المصريون بعرضها للبيع على موقع أمريكي لحساب شركة أمريكية متخصصة في بيع التحف والأعمال الفنية النادرة تدعي ملكيتها للغرفة الأثرية.

تبادل للاتهامات

وفور عرض الغرفة للبيع واهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالأمر، تبادل المسؤولون في وزارتي الآثار والزراعة الاتهامات والتنصل من المسؤولية، حيث أكد مساعد وزير الآثار مصطفى أمين أن غرفة النوم ليست مسجلة من الأساس في سجلات الآثار المصرية، موضحا أن مبنى استراحة الملك فاروق ومحتوياته تم تسجيله في سجلات الآثار عام 2013 بعد حادث اختفاء غرفة النوم.

وأضاف أمين، في تصريحات صحفية، أن الاستراحة ومحتوياتها كانت في عهدة وزارة الزراعة التابعة لها حديقة الحيوان والتي تتولى إدارتها.

وقال مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار شعبان عبد الجواد إن الوزارة رفعت تقريرا إلى الإنتربول الدولي لوقف بيع الغرفة، وطالبت وزارة الزراعة بتقرير رسمي عن خلفيات سرقة الغرفة وتفاصيلها وما إذا كانت قد تقدمت ببلاغ للجهات الأمنية حول سرقتها من عدمه، لافتا، في بيان له الخميس، إلى أن وزارة الزراعة لم ترسل التقرير حتى الآن.

لكن وزارة الزراعة نفت المسؤولية عن نفسها، وأعلنت، في بيان لها أن مبنى الاستراحة الملكية هو فقط المسجل في سجلات الآثار، وأن محتويات المبنى ليست من الآثار، مشيرة إلى أن الاستراحة كان يتم استخدامها كمقر إقامة لوزراء الزراعة المتعاقبين حتى تم إغلاقها تماماً عام 1986 ولم يتم فتحها مجددا منذ ذلك الوقت.

سرقات أخرى

ولم تكن غرفة الملك فاروق هي الآثار الوحيدة التي تمت سرقتها مؤخرا، حيث شهدت منطقة آثار أهرامات الجيزة حادثة سرقة أخرى الأسبوع الماضي بإحدى المقابر الأثرية التي تم افتتاحها للزيارة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لأول مرة منذ اكتشافها عام 1990.

وقالت صحيفة "المصري اليوم" في تقرير لها الثلاثاء الماضي إن بابا أثريا تم سرقته من المقبرة، مشيرة إلى أن وزارة الآثار اكتفت بمعاقبة أحد الموظفين الصغار بالنقل إلى منطقة آثار أخرى، بينما تركت كبار المسؤولين عن منطقة الأهرامات الأثرية دون عقاب أو حتى إجراء تحقيق في الواقعة.

ومنذ أسبوعين، اكتشفت الحكومة واقعة سرقة 6 تماثيل أثرية مصنوعة من الأحجار الكريمة، من المتحف الزراعي بالجيزة، كانت معروضة للجمهور لسنوات طويلة قبل أن يتم اغلاق المتحف لإجراء تطوير له.

وأعلنت النيابة فتح تحقيق شامل في القضية وإعادة جرد محتويات المتحف للتأكد من عدم اختفاء المزيد من القطع الأثرية، خاصة وأن القطع المختفية تم سرقتها من مكان عرضها  بمعرفة العاملين في المتحف.

وفي السياق ذاته، قال وزير الآثار الأسبق زاهي حواس، في تصريحات صحفية، إن مصر يوجد بها الآلاف من مخازن الآثار المهلهلة والبدائية التي يصعب السيطرة عليها أو حمايتها، حتى أن بعضها ما زال حتى الآن مبنيا بالطوب اللبن ومن السهل جدا التسلل إليها ونهبها!

تغليظ عقوبة تهريب الآثار

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي تقدم أحد نواب البرلمان بطلب إحاطة لوزير الثقافة حول تزايد ظاهرة سرقة الآثار المصرية، وفي هذه الجلسة اعترف الوزير خالد العناني أن 33 ألف قطعة أثرية اختفت من مخازن الوزارة خلال السنوات الماضية، وتم اكتشاف اختفائها بعمل مراجعة وجرد تلك المخازن.

وأكد عدد من أعضاء البرلمان في كانون الأول/ ديسمبر الماضي تقدمهم بمقترح لتعديل قانون حماية الآثار ليتم تغليظ عقوبة سرقة وتهريب الآثار في محاولة للحد من تلك الجرائم.

وقالت النائبة نشوى الديب القانون: "بعد التعديل أصبح ينص على معاقبة كل من شرع في تهريب أثر إلى خارج البلاد بالسجن المؤبد وبغرامة تصل إلى 10 ملايين جنيه"، مؤكدة أن تغليظ العقوبة سيساهم في تقليل هوس التنقيب عن الآثار وتهريبها للخارج. 

فيما قال النائب تامر عبدالقادر إن سوء الحالة الاقتصادية في البلاد دفع الكثيرين إلى السعى نحو الحصول على المال عبر تهريب الآثار والاتجار فيها بالإضافة إلى انتشار ظاهرة التنقيب عن الآثار خاصة في صعيد مصر.

 

التعليقات (0)