أفكَار

كيف تنجح السلفية الجهادية في استقطاب "أصحاب السوابق"؟

انتقل بعض أصحاب السوابق إلى مواقع قيادية في الجامعات الجهادية - أرشيفية
انتقل بعض أصحاب السوابق إلى مواقع قيادية في الجامعات الجهادية - أرشيفية
تُظهر قراءة السير الذاتية لعناصر من أتباع السلفية الجهادية أنهم من "أصحاب السوابق"، الذين كانت بدايات تدينهم في السجون نتيجة احتكاكهم مع "سجناء جهاديين"، ثم أصبحوا بعد ذلك من أتباع تلك الجماعات وربما من عناصرها الفاعلين.

ووفقا للمسؤول الشرعي السابق في فصائل سورية مختلفة، الأردني مجدي أبو نجم فإن نسبة ليست بالقليلة من منتسبي جماعات السلفية الجهادية هم فعلا من "أصحاب السوابق"، ولهم ماض سيء، وأنه كان أحد أولئك المذكورين، ثم هداه الله، وبات من الشرعيين في صفوف تلك الجماعات. 

وأرجع أبو نجم نجاح جماعات السلفية الجهادية في استقطاب الشباب (أصحاب السوابق) إلى عدة أسباب من أهمها: احتكاكهم بهم في السجون، ما يتيح لهم فرصة دعوتهم وإرشادهم، ثم الشروع في تدريسهم الأدبيات الجهادية المقررة لديهم، وتعليمهم الأصول العقائدية المعتمدة في منهجيتهم.  

ولفت أبو نجم إلى أن (أصحاب السوابق) بعد هدايتهم على أيدي الجهاديين في السجون، لا يترددون على غيرهم من المشايخ والعلماء والدعاة، لأنهم لا يرونهم أهلا لذلك، وربما اعتقدوا فيهم أنهم من فقهاء السلطان، لذا فإنهم يقصرون تلقيهم الديني على شيوخ ورموز السلفية الجهادية، ما يعني تشكيلهم الصارم بحسب تلك المواصفات، وربما اختاروا النماذج الأشد تشددا وغلوا. 

وقال أبو نجم لـ"عربي21": "يغلب على أجواء السجون، جنوح السجانين لاستخدام القوة والعنف ضد السجناء، وهو ما يقابله سجناء السلفية الجهادية غالبا بعنف مضاد، الأمر الذي يستهوي أولئك الشباب (أصحاب السوابق)، باعتباره نموذجا محترما ومقدرا في أعرافهم". 

وركز الشرعي الجهادي أبو نجم على "طبيعة التكوين النفسي لأولئك الشباب (أصحاب السوابق)، فهم بطبيعتهم ينزعون إلى القوة والعنف، وحينما يتجهون للتدين لا يجدون محضنا دينيا يلبي أشواقهم، ويشبع رغباتهم كالسلفية الجهادية، ما يدفعهم للانضمام السريع إليها، والعمل في صفوفها". 

وجوابا عن سؤال: ما هي الآثار السلبية المترتبة على انضمام (أصحاب السوابق) لجماعات السلفية الجهادية؟ أكدّ أبو نجم أن هذا الصنف إذا لم يتم ضبط سلوكياته، والسيطرة على ممارساته فإن ما يقع منه من أعمال متهورة، وما يتلبس به من ممارسات منفرة، أوقع الجماعات الجهادية في أزمات كثيرة ومشاكل عديدة. 

ومن أمثلة تلك الأعمال والممارسات، طبقا (لأبو نجم) مسارعة كثير من (أصحاب السوابق) إلى تنفيذ العقوبات دون مراعاة الإجراءات الشرعية الواجب اتباعها أولا، وغلبة الأساليب الفظة والمنفرة عليهم في تعاملهم مع الآخرين، وهو ما أساء للفكر الجهادي إساءات شديدة وبالغة.

وذكر أبو نجم أن آلية تصعيد (أصحاب السوابق) إلى مراكز قيادية في صفوف جماعات السلفية الجهادية يعتريها خلل كبير، فكثيرا ما يتم إسناد مهام قيادية وشرعية لعناصر، لم ينالوا حظا وافرا من العلم الشرعي، ولم يتلقوا جرعات تربوية لتهذيب أخلاقياتهم السابقة، وترقيق طباعهم الغليظة، وهو ما ينعكس سلبا على الحالة الجهادية برمتها".   

ولفت أبو نجم إلى أن شيوخ السلفية الجهادية ورموزها غالبا ما يتحاشون إنكار تلك السلوكيات والممارسات علانية، حرصا منهم على (أصحاب السوابق)، وخوفا من انتكاستهم مرة أخرى، وهو ما يجعلهم يتمادون في تلك الممارسات الفظة والمنفرة. 

يُذكر في هذا السياق أن حمزة الزاملي، المكنى بأبي كاظم المقدسي، القاضي الشرعي لقطاع العريش في ولاية سيناء، والذي ظهر مؤخرا في التسجيل الذي أصدره التنظيم بعنوان "ملة إبراهيم" مكفرا لحماس، ومهددا لها، متهم بجرائم أخلاقية طبقا لمعلومات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وتشير تلك المعلومات إلى أن "الزاملي" من سكان منطقة زعرب في قطاع غزة، وكان يعمل في مصنع للخمور في مستوطنة صهيونية قبل أن يترك العمل فيها عام 2005 بسبب حصار غزة، وقد اعتقل عدة مرات من السلطات الأمنية التابعة لحماس على خلفية تهم مختلفة، منها الاشتباه به بالتخابر مع الموساد بسبب علاقته مع فتاة صهيونية، وأخرى بتهم تعاطيه للخمور والسرقة والاتجار بالمخدرات. 

بدوره أشار الباحث العراقي في شؤون الجماعات الجهادية، هشام الهاشمي إلى بعض أساليب تلك الجماعات في تجنيد أصحاب السوابق واستقطابهم، حيث يتم تهويل الذنوب، وأنه مع التوبة لا بد من عمل صالح عظيم، أو حسنات ماحية لمحو الذنوب السابقة، ومن أعظمها الشهادة في سبيل الله. 

وأضاف الهاشمي لـ"عربي21": "كما يتم استدعاء التراث المقدس، والسرديات الخاصة بهكذا حالات كواقعة عبد الله بن مبارك والفضيل بن عياض، وقصص خاصة بالصحابة الذين كانت لهم ذنوب كبيرة وكفرها الجهاد". 

وذكر الهاشمي أن الجهاديين يركزون كثيرا على الخطب الحماسية، والأناشيد العاطفية التي تحاكي ضمائر هؤلاء العصاة، والتي توجههم إلى مكفرات الذنوب العظيمة، وفي مقدمتها الجهاد في سبيل الله، والحرص على طلب الشهادة. 

وكشف الهاشمي بحكم تجربته السابقة في أوساط تلك الجماعات عن أن "غالب القيادات الميدانية لتلك الجماعات في العراق هم من أصحاب السوابق لفرط شجاعتهم، ولحرصهم الشديد على طلب الشهادة"، مضيفا: "ومعظم العمليات الانغماسية، والاقتحامات والمرابطة هي بقيادة وتحت إشراف هذا النوع من المقاتلين".  

من جهته لفت الباحث الأردني الخبير في الحركات الجهادية، مروان شحادة إلى أن أكثر ما يجذب الشباب المنحرف (أصحاب السوابق) إلى السلفية الجهادية ما تمثله لهم باعتبارها النموذج الأكثر ملائمة لتكوينهم النفسي الذي يجنح بطبيعته إلى القوة والعنف، وهو ما يتساوق تماما مع منهج السلفية الجهادية في التغيير الجذري الانقلابي، باستخدام القوة والعمل المسلح.

وذكر شحادة في حديثه لـ"عربي21" أن تلك الجماعات تفتقر إلى الكوادر العلمية والشرعية المؤهلة، ممثلا لذلك بحمزة الزاملي (أبو كاظم الفلسطيني)، الذي ظهر مؤخرا في شريط ولاية سيناء، حيث أظهرت طريقة إلقائه وحديثه مدى ضعفه العلمي، وهشاشة تكوينه الشرعي، متسائلا: كيف يتم تصعيد من هذا حاله، وهذه صفته إلى درجة قاضي شرعي؟

وانتهى شحادة إلى القول "إن اختلال سلم الأولويات في أوساط تلك الجماعات، خاصة أصحاب السوابق منهم، أدخلها في صراعات هامشية جانبية، وجرها إلى مواجهات مسلحة دامية بين تياراتها المتعددة من جهة، وبينها وبين اتجاهات إسلامية أخرى من جهة أخرى، وهو ما أفضى في غالب الأحيان إلى انحراف بوصلتها، وإجهاض إنجازاتها، وتضييع تضحياتها، وعبثية أعمالها".  
التعليقات (2)
حبر الترجمان
الخميس، 11-01-2018 09:33 ص
بسام ناصر: إن كنت مؤمناً، فاتق الله وتبين، ولا تصيبن قوماً بجهالة! يقول عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى? مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) وإن كنت باحثاً اكاديمياً، فضع دليلاً وكلاماً علمياً وبراهين، لا نقلاً من ثرثرة في مواقع اجتماعية (هكذا بدون مصدر او دليل)، فبئس مطية الرجل زعموا، ولولا الاسناد لقال من شاء ما شاء، فأي اسناد تدعيه وأنت تتهم الرجل بالعمل في مصنع للخمور في مستوطنة صهيونية، و الاشتباه به بالتخابر مع الموساد بسبب علاقته مع فتاة صهيونية، وأخرى بتهم تعاطيه للخمور والسرقة والاتجار بالمخدرات! ( أين الدليل على كل هذا من حماس؟، وأين قضيته في محاكم حماس بكل هذه التهم، ولماذا لم تحكم عليه حماس بشرع الله إن كان مذنباً، علماً أنك تتهمه انه كان يعمل في مستوطنة عام 2005، عندما كان عمره 13 سنة، في الوقت الذي كان لا يستطيع أحد من قطاع غزة الذهاب الى الأراضي المحتلة عام 1948!) وإن كنت صحفياً، فهلا التزمت بالأمانة والمهنية والحيادية في النقل، او على الأقل بأخلاق الصحف الغربية ، مثلاً اليوم نشرت صحيفة النيويورك تايمز عن الموضوع، وذكرت أن الزاملي، هو ابن إمام مسجد في غزة، وأنه كان متزوجاً في غزة، وله ابنة، وسجن مع أخيه بتهمة "سرقة سلاح، وتبني الفكر المتطرف"، ثم غادر مع أخيه غزة الى سيناء قبل ثلاث سنوات، وقُتِل أخوه، ثم لحقهم الى سيناء أخٌ ثالث! وإن كنت كاتبا مهنياً في صنعتك، الم يكن جديراً بالذكر، أين التقيت مع شاهدك ومصدرك وخبيرك بالموضوع ، (مجدي ابو نجم، هل هو حرّ، وهل قضى كامل فترة محكوميته؟ وذكر الفصيل الذي كان يعمل لديه!) وإن كنت تبحث عن العناوين البراقّة، فبإمكان خصمك، أن يكتب مقالاً، ويعنونه : كيف تنجح السلفية الجهادية في استقطاب "أصحاب السوابق في العمل مع كتائب القسام"؟ فالرجل الآخر (محمد الدجني) ، الذي ظهر في الاصدار هو ابن قيادي في حماس، وهو عضو سابق في كتائب القسام! وإن كنت خصماً لطرف، فهلا كنت منصفاً ، فلا يضرنك شنآن قوم ان تعدل في النقل، وإن الانصاف حلة الأشراف، ولا تكونن من الذين اذا حدثوا كذبوا او خاصموا فجروا! ( وقد رأيت كثيرا من صغار وكبار كوادر الإخوان المسلمين ، في منشوراتهم على الفيسبوك، ينقلون هذه الاتهامات للرجل بفعل عمل لوط، وسرقة البط، .الخ...وجاءوا بما جئت به من البهتان بدون اي دليل، ومنهم من يتابعك في هذا المنشور! ولو صدقوا والله يشهد إنهم لكاذبون، لكان ما يدعونه معيباً في حقهم وحق حماس، فكيف تتركه حماس مع جريمته التجسس للموساد، والزنا، واللواط، والسرقة ، ولا تحاكمه وفق شرع الله! ( نسيت، بما أنها لا نطبق شرع الله، لماذا لم تحاكمه وتحاسبه وفق شرع الدستور الفرنسي الذي تطبقه حماس!؟) والدعاوى مالم يقيموا عليها بيناتٍ أصحابها أدعياء! وإن كنت تبحث عن تشويه خصمك، وإسقاطه أخلاقياً، والخوض في الفضائح، فدونك (الأمير الأخضر!) ابن القيادي الكبير الذي ارتد في امريكا واعترف بعمالته للموساد، وشذوذه الجنسي! ودونك الاكاديمي الشهير حفيد المؤسس، البرفيسور في الجامعة البريطانية المشهورة، والذي تدفع موزة ثمن كرسيه الأكاديمي، والمتهم باغتصاب أكثر من امرأة (مسلمة!) في فنادق فرنسا، عدا عن اتهامات بالزنا العنيف مع طالباته القاصرات، حتى شبهته بعض الصحف الغربية الشهيرة ، ب (واينستاين الاسلام!) . . صلاح البردويل يقول انهم انتاج صهيوني! Salah Bardawil, a senior Hamas official, described the video as a “Zionist” production. Another senior Hamas official, Mahmoud al-Zahar, said the Islamic State’s Sinai branch “does not want there to be weapons in Hamas’s hands to resist the Israeli occupation.” حمزة الزاملي ابوه امام، “It pains me that bloodshed was committed by my own son, Hamza,” said Mr. Zamli’s father, Adel al-Zamli, 51, a teacher and an imam in a local mosque The Zamli brothers’ journey to the Islamic State began about three years ago when the two older ones left for Sinai. They had been jailed in Gaza for stealing a gun, and had embraced an extremist ideology, their relatives said. Hamza left behind a wife, whom he divorced, and a daughter. After Hamza’s brother Muhammad, was killed, another one, Ibrahim, 19, left Gaza and joined him to fight in Sinai about nine months ago. Muhammad al-Dajani, 24, the man seen pulling the trigger in the video, had been a member of Hamas’s military wing. He left a wife and two daughters in Gaza and made his way to Sinai about four months ago. https://www.nytimes.com/2018/01/10/world/middleeast/isis-hamas-sinai.html?hpw&rref=world&action=click&pgtype=Homepage&module=well-region&region=bottom-well&WT.nav=bottom-well
rmb
الخميس، 11-01-2018 01:04 ص
لأن مبادئ السلفية الجهادية في تصفية الخصوم والتعصب والانتحار من أجل التنظيم وغيرها تشبه مبادئ العصابات. لأنهم ينتقلون من مافيا إلى أخرى