مقابلات

عبد الله الأشعل لـ"عربي21": مصر دخلت زمن الأحلام الممنوعة

الأشعل: مجازر الجيش القادمة لن تمر مرور الكرام من الشعب- أرشيفية
الأشعل: مجازر الجيش القادمة لن تمر مرور الكرام من الشعب- أرشيفية

توقع الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق والمرشح الرئاسي في انتخابات 2012 أن تكون السودان هي المسمار الأخير في نعش النظام الحالي بمصر، موضحا أنه في حال أقدم السيسي على مواجهة عسكرية مع السودان، فإنه سوف يخرج خاسرا وربما تكون هذه نهايته.


وتوقع الأشعل في حديث لـ"عربي21" أن تشهد مصر خلال عام 2018 الكثير من المتغيرات، التي ربما يكون منها غضب شعبي غير مسبوق أو ما يمكن أن نسميه فوضى عارمة تطيح بالكل، مطالبا جماعة الإخوان المسلمين بالتراجع خطوات للخلف، حتى لا يتم استخدامها في ضرب أي تحرك ثائر في مصر.


وفيما يلي نص الحوار:


- كيف ترى المشهد السياسي الحالي في مصر؟


المشهد الحالي يتسم بالجمود، فنحن أمام سلطة تغولت على مصالح شعبها، مقابل شعب يواجه كل أشكال القمع والانتهاكات، مع عدم احترام دستور أو قانون، وفي ظل دعم كل مؤسسات الدولة من عسكرية إلى أمنية إلى اقتصادية ودينية للنظام، وكل هذا بالتأكيد ينذر بالانفجار الذي لن يرحم وقتها أيا من النظام الحالي.


- ما شكل هذا الانفجار الذي أشرت إليه؟


أتوقع أن يكون هناك انفجار وليس ثورة، وأقصد بالانفجار التحرك العشوائي والفوضوي الذي سوف يقتلع كل من يواجهه، لأن التحرك الثوري للأسف مات بعد ثورة 25 يناير ولم يعد هناك من يستطيع أن يحرك الشعب سواء النخب السياسية أو القوى المجتمعية، وبالتالي الحالة سوف تكون مختلفة عن 2011، فهذا الضغط الذي يعيشه الشعب اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا وسياسيا، سوف يولد انفجارا لا أحد يعلم غير الله إلى أي مدي يمكن أن يصل، وستكون مصر هي الخاسرة في كل ذلك، وليس نظام حالي أو سابق، لأن الجميع في نظر الشعب هم المسؤولون عما يجري، فالناس تحمل حسني مبارك مسؤولية تردي الأوضاع التي أنتجت ثورة يناير، وبالتالي أوجدت الإخوان الذين أحضروا السيسي الذي أذاقهم كل أشكال الظلم خلال السنوات الماضية.

 

- ما هي إذن القشة التي تتوقعها ويمكن أن تكون سببا في ذلك؟


أعتقد أن الحرب ضد السودان يمكن أن تكون هذه القشة، فالعلاقات بين البلدين تتسارع نحو الصدام الذي بدأ بحرب إعلامية، ثم سحب السفير وما يمكن أن يتبع ذلك من قطع العلاقات، وبالتالي أصبحت الحرب مجرد وقت، وفي هذه الحالة فإن السودان سوف يلجأ إلى تركيا ولا مانع من أن تدخل إسرائيل على الخط، وبالتالي يتورط الجيش المصري في سيناريو مشابه لحرب اليمن الناصرية، ولكنه هذه المرة سيكون أمام جيوش وليس قبائل، وهو ما سيؤدي الى إنهاك الجيش، الذي يتم جره من حرب إلى أخرى سواء داخلية أو خارجية، وفي النهاية ستكون العواقب وخيمة داخليا مما يؤدي إلى حالة الانفجار المنتظرة.


لماذا السودان


- علي ذكر السودان وبوصفك مسؤول سابق بالخارجية.. لماذا يذهب السيسي نحو حرب مع الجارة الجنوبية؟


يجب أن نتفق أن النظام الحالي ليس لديه رؤية في علاقاته الخارجية، بل إنه حتى لا يفكر في شكل هذه العلاقات، وبالتالي فهو يتحرك بعشوائية ومكايدة سياسية غير مبررة، وكما تعلمنا أنه من مبادئ السياسة تأمين العلاقات مع الجيران، ولكن ما يحدث في ليبيا بالغرب والسودان بالجنوب وحتى فلسطين المحتلة من ناحية الشرق يسير عكس ذلك، ففي ليبيا ورط السيسي الجيش في عمليات عسكرية لدعم خليفة حفتر، وفي الشرق مارس حربا خانقة علي غزة، والآن الأوضاع ملتهبة ناحية الجنوب، فما الذي بقي لنا من استقرار مع جيراننا، ولاشك أن أصابع الموساد تلعب في مصر بأشكال مختلفة، ولذلك يجب على النظام أن يضع فارقا بين البحث عن مصالحه والبحث عن مصالح الوطن.
ما الحل إذن للخروج من هذا الجمود الذي يزيد الموقف تأزما؟


السيسي لا يقبل الحوار بأي شكل وهو يرى أن ما يقوم به يطيل وجوده، معتمدا على تراجع الرغبة الثورية للشعب، ولكن هذا سوف يؤدي إلى الانهيار الأفقي وليس الرأسي، كما أننا أمام هذا الاستقطاب الذي يحدث من نظام يمتلك أشكال القوة كافة وشعب عاجز، ونخبة فاشلة تتمتع بقصر النظر، فإننا في النهاية لن نجد وسيطا يمكن أن يضبط الأمور.


- هذا يعيدنا إلى أن الضغط الشعبي وارد على عكس ما أشرت إليه سابقا؟


أنا لا أعول على أي ثورة جديدة، ولكني أخاف من الصدام والانفلات، فالنظام يلعب بورقة خطيرة وهي تصدير الجيش للشعب، فالجيش هو الذي يقتل في سيناء، وهو الذي يحمي تجاوزات الشرطة، وهو الذي يصدر أحكاما بالإعدام. وهو الذي يسطير على الاقتصاد والإعلام والسياسة، وهو الذي ينفذ طموحات السيسي، وإذا استمر هذا الوضع، فإما أن نكون أمام انشقاق في الجيش أو صدام مباشر بينه وبين الشعب، وبالتالي مجازر أخرى ولكنها هذه المرة سوف تواجه بالرد وليس كما حدث مع معارضي السيسي من الإخوان وأنصارهم في رابعة وغيرها.


التعويل على الجيش


- معنى ذلك أنك لا تتفق مع الرأي الذي يعول على تحرك داخل الجيش لضبط الأمور؟


التغيير إما أن يحدث بصراع على القمة أو الانفجار من القاعدة، وفي الحالة الثانية فسنكون أمام اختلاف داخل المؤسسة العسكرية في التعامل مع هذا الانفجار، ودائما ما كنت أتمنى أن يكون لدينا عقلاء ينصحون ويوجهون، ولكن ما يحدث أننا نغرق يوميا في الديون والانفلات والفساد، والحديث المستمر عن إلغاء الدعم، وهو ما يزيد من أعباء المواطن المصري الذي وصلت أكتافه إلى الأرض نتيجة هذه الأعباء، وفي كل هذا لم نسمع صوت واحد عاقل يقول لرأس النظام، يجب أن تتوقف قبل تتفاقم الأمور أكثر مما هي عليه.


- هل يمكن للسيسي بعد الانتخابات القادمة أن يعيد حساباته مرة أخرى لتجاوز هذه المخاطر؟


نحن أمام سيناريوهين للانتخابات القادمة، الأول أن يتقدم عدد من المرشحين للانتخابات يتم مطاردتهم ومواجهتهم بالطوارئ حتي يتنازلوا ويتراجعوا، كما حدث مؤخرا مع الفريق أحمد شفيق الذي أعلن ترشحه فتم توقيفه وتحريك دعاوى ضده، وفي النهاية قرر الرجل التراجع بشكل نهائي عن الترشيح، أو بالضغوط والتشويه كما يحدث مع خالد علي، لكي نصل في النهاية إلى أن السيسي هو الشخص الوحيد القادر والجاهز وليس له بديل.


أما السيناريو الثاني الذي أميل إليه ألا تجري الانتخابات من الأساس بعد تعديلات يتم إدخالها على قانون الانتخابات والدستور، يجعل السيسي يستمر دون الحاجة إلى مخاطر الصندوق، وقد سمعنا مؤخرا عن حملات التأييد له وأن هناك 13 مليون يطالبون باستمراره دون انتخابات، ولعل هذا يدفعني للتساؤل بأنه إذا كان هناك 13 مليون مواطن مؤيدين للسيسي، فلماذا يخاف من إجراء انتخابات حقيقية ونزيهة؟


دعم دولي


- أراك متشائما من القادم؟


الموضوع ليس تشاؤما أو تفاءلا، ولكنها معطيات تؤدي إلى النتائج؛ فنحن الآن أصبحنا في عصر الأحلام الممنوعة، فليس هناك أوضاع تسير أبدا بهذا الشكل وحتى في ظل عصر مبارك أكثر العصور استبدادا لم يحدث ذلك، ويكفي أن تقارن بين موقف مبارك والسيسي في التعامل مع السودان، فنحن إذن أمام مشهد مرتبك يتسم بعدم الشفافية.


- كيف ترى تحركات الإخوان الرافضة للسيسي، وكذلك الانتقادات من النخب التي شاركت في ثورة يناير؟


للأسف الإخوان يتم الآن استخدامهم من قبل النظام كمظلة لقتل أي تحرك ثوري في الشارع؛ ولذلك فأنا أطالب الإخوان بالغياب عن المشهد وترك الآخرين إذا كانت لديهم قدرة على التحرك، فالواقع يقول إن أي معارض للنظام يتم لصقه بالإخوان، وفي ظل حالة عداء مجيشة من النظام ضد الإخوان يستغل فيها الإعلام والبرلمان والقضاء والجيش والشرطة، مع عدم رغبة إقليمية ودولية لوجود الإخوان في المشهد، فكل هذا يؤدي إلى أن أي تحرك سوف يتم مواجهته بحجة أنه من الإخوان، بالإضافة إلى أن النخب التي أشرت إليها لا اعتقد أن لديهم أية رغبة أو نية للتحالف مع الإخوان مرة أخرى؛ لأنهم وصلوا إلى مرحلة من العداء المتبادل، مما يجعل نار الجيش بالنسبة إليهم أرحم من جنة الإخوان.


- أخيرا: كيف تبرر هذا الدعم الذي يتلقاه السيسي من المجتمع الدولي، رغم جرائمه الإنسانية والسياسية والحقوقية؟


النظام العسكري في مصر أصبح جزءا مهما في التركيبة الإقليمية والدولية، فهناك مصلحة أمريكية وإسرائيلية وسعودية وإماراتية في بقائه، مقابل جيهة معارضة تضم تركيا وقطر والسودان، والمصالح الأمريكية الإسرائيلية في وجوده حتى إيجاد البديل، وبالتالي يتم تقديم الدعم الذي يبقيه حيا قادرا علي الصمود؛ لأنه حتى الآن قدم لهم ما لم يقدمه ولا أعتقد أن يقدمه غيره. 

التعليقات (0)