صحافة دولية

روبرت فيسك: إلى أين يقود ترامب الشرق الأوسط؟

فيسك: ترامب يقود الشرق الأوسط لمزيد من الوحشية- أ ف ب
فيسك: ترامب يقود الشرق الأوسط لمزيد من الوحشية- أ ف ب

نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب الصحافي المعروف روبرت فيسك، يناقش فيه سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط

 

ويؤكد فيسك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن سياسات ترامب لا يمكنها أن تساهم في إقرار السلام والهدوء في المنطقة، لكنها على العكس تماما، مشيرا إلى أن "إدارة بنيت على أساس ضعيف لا يمكنها حتى تقديم القليل من الجهد لدعم المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أن سياساتها أدت بالفعل إلى زيادة تأزيم الأمور في المنطقة".

 

ويقول الكاتب: "في الحقيقة، فإن الحديث عن ترامب والشرق الأوسط ضروري للدخول إلى مستشفى المجانين، فبعد هذا كله فإن فلسطين ليست مؤهلة لأن تكون دولة، لكن إسرائيل تصلح، مع أنه ليست لديها أدنى فكرة عن حدودها الجغرافية شرقا، وفيما إن كانت وسط القدس أو في منتصف الطريق للضفة الغربية، أو على طول نهر الأردن، وماذا عن غزة الفقيرة؟ عندما قام الإسرائيليون برمي القنابل على المكان وحولوه إلى ركام  في 2008- 2009 (وفعلوا الأمر ذاته عامي 2012 و2014)، وألقوا القنابل على نظام الصرف الصحي الفلسطيني، ولوثوا المياه الصالحة للشرب والبحر، وحولوا غزة وبالمعنى الحقيقي إلى (بالوعة)". 

 

ويرى فيسك أن "جاريد كوشنر رجل الأعمال وتاجر العقارات وصهر الرئيس المحبوب والبطل البائس الخارج من روايات ديكنز -إن كان هناك بطل من هذا النوع- لا يستطيع تحديد الاتجاهات لهذا العقار في الشرق الأوسط، لأنه والسفير الأمريكي في إسرائيل دعما الاستعمار اليهودي للضفة الغربية العربية، وصدقوني لا توجد بالوعات في هذه المستوطنات المقامة على التلال، إنه حتى لا يعرف حدود إسرائيل الشرقية، وأين تقع اليوم وفي المستقبل وللأبد، حقا". 

 

ويقول الكاتب: "الشرق الأوسط هو أرض الجن والأشباح والصليبيين والسراسين والقيامة والأئمة الاثني عشرية ورموز المسيح والرجال الملتحين في المغاور، وهؤلاء كلهم لديهم الفرصة للظهور أو العودة للظهور في العام الثاني من رئاسة ترامب، بدلا من السلام بين دولتين لا يعرف اتجاهاتهما الجغرافية جاريد ولا (شركات كوشنر)". 

 

ويعتقد فيسك  أن الاعتراف بهذا كله له ثمنه، مشيرا إلى نقاشات عدة في مدينة دبلن عن الشرق الأوسط، وبعد اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، قائلا إن ترامب "مجنون وغير عاقل وكذاب، ويجب أن ينقل إلى مستشفيات المجانين، وفي كل مرة كان يذكرني المقدم أو المنتج بأنني لست مؤهلا لإطلاق هذه التصريحات؛ نظرا لعدم تخصصي في الطب، وأجد هذا غريبا، فلو قلت إن ترامب عاقل ومتوازن فلن يذكرني أحد بعدم وجود مؤهلات طبية، ولم يكن هذا ليحدث لو وصفت (كما فعلت) معمر القذافي بالمجنون وقد كان". 

 

ويشير الكاتب إلى أنه "في حالة ترامب عليك أن تراقب ما تقوله، حيث سيظهر (الترامبيون)، الذين سيصفون ما تقوله بأنه (أخبار مزيفة)، ويخيفون المحررين في محطات الإذاعة". 

 

ويدعو فيسك إلى "مراقبة الإعلام، الذي لا يزال يتعامل مع ترامب من خلال (اللعبة العادلة)، مقارنة مع (أشكاله) من العرب، وهم يعلمون أنه معاد للأجانب وعنصري، وكان هذا الإعلام سخيا في وصف زعماء في المنطقة: القذافي مجنون، أحمدي نجاد مجنون، أبو نضال مجنون، وصدام مجنون، لكن حاول استخدام هذا مع ترامب (إحم إحم)، وعليك أن تكشف عن شهادة الممارسة الطبية".

 

ويبين الكاتب أن "خيالات ترامب تقود الشرق الاوسط إلى واقع أشد قسوة ووحشية، وهو في ذلك مدفوع بزوج ابنته جارد كوشنر (دائم الابتسامة ومنعدم الأمل)، وقائده العسكري (الكلب المسعور) جيمس ماتيس، الذي لم يكتسب اسم شهرته من عقلانيته وحكمته العسكرية".

 

ويختم فيسك مقاله مطالبا القارئ بضرورة تذكر خبرة الشعوب العربية مع القادة العسكريين، ويذكر منهم عبد الناصر والسادات والقذافي وعلي عبدالله صالح ومبارك وحافظ الأسد والسيسي، موضحا أن ثلاثة من بينهم تعرضوا للقتل، واثنين ماتا بسكتة قلبية، واثنين يعيشان حتى اللحظة، لكنهم جميعا حكموا دولا تندرج بوضوح تحت بند مقولة ترامب "الحثالة"، لكن لم يكن أي منهم خاضعا للخرافات.

التعليقات (0)